الهدية التي يتلقاها الجميع دون حفاوة تليق بها

 ما الهدية التي يتلقاها الجميع دون حفاوة تليق بها؟



يخبرنا المؤلف الأمريكي سبنسر جونسون مؤلف الكتاب الشهير المترجم تحت عنوان “من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي” .. في كتابه “الهدية” عن الهبة التي تجعلنا سعداء وناجحين في العمل والحياة .. الجميع يحظى بها لكن لا يستمتع بها ..

وقد يساعد الكتاب أن يتلقى الهدية عدد أكبر ممن يتوق للسعادة والنجاح وعدد أكبر من الغارقين في التحسر على الماضي أو في أحلام اليقظة عن المستقبل .. ويبدأ الكاتب أولا بـ ...

تعريف النجاح حسب رؤية كل فرد :

1- قد يكون الآن هو حصولك على:

*درجات جيدة في المدرسة 

*نتائج جيدة في الألعاب الرياضية 

*علاقة طيبة مع والديك

*عمل جيد بعض الوقت بعد انتهاء اليوم الدراسي

*ترقية/ علاوة إذا كنت تنجز عملك بكفاءة.


2- قد يعني فيما بعد:

*أن تكون أكثر انتاجا ورخاء

*الشعور بالمزيد من السلام والمشاعر الطيبة تجاه نفسك أيا كان ما يحدث، وهذا نوع خاص ومميز من النجاح.


3- في مرحلة متأخرة من الحياة يعني: 

*ان اضحك كثيرا

*أحب بمزيد من العمق

*أنفع الناس بشكل أكبر 


أحيانا نتعامل بكفاءة مع المشروعات التي نتولاها.. لكننا نعتقد أننا قادرون على ان نصنع ما هو أفضل .. لا نقدم كل ما نستطيع تقديمه .. ولا ندرك سبب هذا! .. 


ثم يخبرنا عن الشاب الذي يتصف بذلك :

"وجد نفسه يتخبط ، وبدت حياته كسلسلة من النهايات المفككة،  والمشروعات غير المنتهية، والأهداف غير المنجزة ، والأحلام غير المحققة  ..

أدرك انه لم يكن يفي بالآمال والتوقعات التي كانت منتظرة منه .. ومعقودة عليه حينما كان أصغر سنا .. 

كان ينصرف من عمله عائدا الي بيته وهو يشعر بمزيد من الإجهاد وخيبة الأمل ، لم يكن يشعر بالرضا عما كان يقوم به .. ولكنه في الوقت نفسه لم يكن يعرف ماذا يفعل .." 


إن الهدية التي تمنحها لنفسك هي اللحظة الحالية ؛ الحاضر.. الوجود في الحاضر يعني تركيزك على ما يحدث الآن تحديدا.

*حين كنا أطفالا ،كنا نركز على ما نفعل ولا نفكر في ما فعلنا أو ما سنفعل .. فقط ما بأيدينا الآن .. 

*وحين كبرنا وقعنا تحت ضغوطات الحياة وسرعة سيرها ؛فالجميع متعجل للحاق بشيء ما .. كل منا يستعجل الآخرين والأشياء والأحداث بطريقة ما .. 


كيف يمكن أن يفيدك الوجود في الحاضر إذا ما واجهت موقفا صعبا /بغيضا؟ 

حتى في أشد المواقف صعوبة وحرجا ، عندما تركز على ما هو صحيح في اللحظة الحالية، فإن هذا يجعلك أكثر سعادة اليوم ، ويمنحك الطاقة الضرورية والثقة اللازمة للتعامل مع ما هو خطأ.

الوجود في الحاضر يعني التركيزعلى ما هو: 

موجود الآن.

صواب الآن.


*عندما نكون في موقف سيء عادة نركز على ما هو خطأ، وهذا يجعلنا نصاب بالإحباط والفتور.

*أغلب المواقف تتكون من خليط من الجيد والرديء .. الصواب والخطأ .. وهذا يتوقف على كيفية نظرك إليها:

كلما ركزت نظرك على ما هو صحيح >> أصبحت أكثر فعالية في الوقت الراهن، وصرت أكثر نجاحا. 

وكلما ركزت أكثر على ما هو خطأ >> قل ما تشعر به من طاقة وحماس وثقة. 


لهذا، حينما تجد نفسك في موقف سيء ، فمن المهم أن تنظر إلى ما هو صحيح.

 حتى لو تعذر عليك أن تجده ، حاول قدر المستطاع  ثم قم بتقديره حق قدره ، والبناء على أساسه.

 من ثم ستصبح أكثر ابتهاجا .. أكثر استرخاء .. ويكون من السهل عليك أن تبقى في الوقت الحاضر وتستمتع به. 




ماذا نفعل حين لا تعجبنا الهدية؟! .. ماذا لو كان الحاضر مؤلما للغاية مثل فقد شخص عزيز؟

الألم هو الفارق بين ما هو كائن وما تريد أن يكون. 

الألم في الوقت الحاضر ، مثل أي شيء آخر يتغير باستمرار، فهو يجيء ويذهب.

حينما تعيش بكل كيانك في الحاضر .. ولا زلت تشعر بالألم .. وتشعر بأنه يستنزفك .. 

يمكنك أن تبدأ في ما هو صحيح ، والبناء عليه.

من المهم أن تعيش مواقف الألم لتتعلم منها ، بدلا من أن تحاول إلهاء نفسك بشيء آخر. 

الوجود في الحاضر يعني التخلص مما يشتتك، والانتباه لما هو مهم الآن.


كيف نتلقى الهدية؟ .. كيف نوجد في الحاضر؟

إنك تصنع حاضرك الخاص بما توليه انتباهك اليوم/الآن.

حينما يتحدث أحدهم، تتناسى ما كنت تفكر فيه، وتركز على ما يقول.

التعامل مع اليوم الحاضر فحسب أبسط، وأيسر .. يجعلنا أكثر ثقة وأقل توترا وضغطا 

ربما لا نستطيع الوجود في الحاضر في كل دقيقة و لحظة من حياتنا ، 

ولكننا إذا استطعنا أن نفعل ذلك كثيرا بما يكفي اليوم ، فإننا نستطيع أن نكرره غدا .. 

وفي كل يوم نقضي فيه مزيدا من الوقت في الحاضر،فإن ذلك سيجعلنا أكثر سعادة ،وفعالية ،ونجاحا. 


هل الهدية "الحاضر" كفاية لنعيش بسعادة؟

لكي نتلقى الحاضر/ الهدية يجب أن نفعل ما هو أكثر من مجرد الحياة في اللحظة الراهنة.


"-لقد استجبت لنقص التزام ودعم الطرف الآخر بأن تحملت العبء بأكمله وحدك، بدلا من أن تواجه المشكلة. ألم تخبرني أنك فعلت ذلك من قبل؟

-لأنني كنت دائما أكره المواجهات. هذا هو أحد الأسباب التي تجعلني أجد صعوبة في الإدارة والقيادة .. (أتجاهل مشكلاتي، ولا أواجهها).

-من الصعب أن ننسى الماضي، ما لم نتعلم منه! بمجرد أن تتعلم من الماضي، ثم تنسى. تستطيع أن تحسن الحاضر/ اليوم."


*إن كثيرا من الناس الذين يعانون من أشد الصعوبات، عادة يكونون قلقين من الأخطاء التي ارتكبوها أو التي يخشون أن يرتكبوها  .. وبعضهم يكون غاضبا بسبب أشياء حدثت في الماضي. 

*أما الذين يؤدون أعمالهم بشكل جيد ويتقدمون .. لقد ارتكبوا بعض الأخطاء مثل أي شخص آخر .. لكنهم قادرون على أن يتعلموا منها، أن يتجاوزوها، ويواصلوا التقدم ، 

لم يكونوا يتحدثون كثيرا عن تلك الأخطاء.


عندما لا تستخدم مشاعرك تجاه الماضي لكي تتعلم من خبراتك ، فإنك تفقد متعة الحاضر.

فإذا ما تعلمت من الماضي بحق، يكون من السهل عليك أن تستمتع بالحاضر بحق. 

من المهم أن تستخدم الماضي لتتعلم من أخطائك أو تعرف سبب النجاح - إذا كنت حققت النجاح في الماضي - وتبني عليه نجاحات أخرى. 


متى يجب أن أكون في الحاضر؟ ومتى يتعين علي أن أتعلم من الماضي؟ 



في أي وقت تشعر فيه بالتعاسة وترغب في الاستمتاع بالحاضر أكثر وتلقي الهدية .. يكون الوقت قد حان لتتعلم من الماضي ،أو لتخطط من أجل المستقبل.

شيئان من بين الأشياء التي يمكن أن تسلبك متعة الحاضر هما:

أفكارك السلبية عن الماضي.

أفكارك السلبية عن المستقبل.

وقت التعلم: 

أي وقت تحتاج فيه لأن تجعل الحاضر أفضل من الماضي. 

وحينما تشعر بالحزن، أو تكون لديك أي مشاعر سلبية أخرى. بشأن الماضي تعوق الحاضر.


لماذا يكون الوقت مناسبا لأن اتعلم حينما أشعر بوجود شيء سلبي؟

لأنك تستطيع أن تستخدم مشاعرك لتعلمك. 

إذن، كيف أتعلم؟ 

أفضل طريقة، اسأل نفسك ثلاثة أسئلة:

o ماذا حدث في الماضي؟ 

o ماذا تعلمت منه؟ 

o ماذا يمكن أن أفعله الآن بشكل مختلف عما فعلته في الماضي؟ 

"لا تقسُ على نفسك كثيرا .. تذكر أنك صنعت أفضل ما كنت تستطيع في ذلك الوقت الذي ارتكبت فيه الخطأ في حدود ما كنت تعلم .. والآن بعد أن أصبحت تعرف المزيد بشكل أفضل، يمكنك أن تفعل ما هو أفضل، وتتجنب الخطأ."

ليس بوسعنا أن نغير الماضي، لكننا نستطيع أن نتعلم منه. 

وحينما نواجه نفس الموقف ،يمكننا أن نتصرف بشكل مختلف. 

والنتيجة؟

تصبح (أكثر سعادة + أكثر فاعلية + أكثر نجاحنا) اليوم. 

"بينما كان يواجه الأعباء المتزايدة في حياته ،التي تستلزم المزيد من الوقت .. وجد أنه من الصعب عليه أن يتعامل مع كل الأمور بنجاح .. إلا إنه عندما كان يتذكر .. يأخذ نفسا عميقا، ويركز على اللحظة الحالية .. كان ذلك يساعده كثيرا."


كيف يمكن أن نفسد الهدية؟

عندما نستغرق في زمن غير الذي نعيشه الآن .. مثل التحسر الدائم ومعايشة أحداث الماضي طيلة الوقت وحينما تراودنا أحلام اليقظة حول المستقبل فإننا لا نعيش في الحاضر بل نشعر بالضياع.


"إنها لم تستطع التركيز في عملها، وقد أصيب أصدقاؤها بالضجر من كثرة شكواها، وبدأت طاقتها تنحدر إلى الحضيض ..

لقد كانت تتصرف وكأن هدفها هو أن تبقى في حالة جرح وغضب بدلا من أن تتقدم نحو الأمام وتحسن حياتها ..

إنها كلما تعلمت أكثر من الماضي واستطاعت أن تخرج منه، كانت أكثر قدرة على التركيز الآن على الحاضر والاستمتاع به ..

كما تجد من المفيد لها كثيرا أن تتصور ما ينتظرها من مستقبل مبهر وما يمكن أن تكون عليه .. بل إنها تصنع مستقبلها الشخصي الآن"


ليس من الحكمة أن تبقى في الماضي أو تستغرق في المستقبل ؛لأن هذا يجعلك تشعر بالضياع أو بالقلق.

إلا أنه من الحكمة أن تحاول صنع مستقبلك الآن.



كيف تكون الهدية أجمل ما يمكن .. كيف نصنع مستقبل أفضل؟

الطريقة الوحيدة لكي تحصل على الهدية الأنسب في المستقبل - بخلاف أن تكون محظوظا بالطبع - أن تحاول صنعها بنفسك! 

* ما نؤمن به 

* ما نفعله اليوم في الحاضر .. يصنع جزءا مهما مما يحدث غدا.


لا أحد يمكنه التنبؤ بالمستقبل أو السيطرة عليه .. إلا أنك إذا: 

- تخيلت بمزيد من الوضوح ما تريده أن يحدث في المستقبل. 

- وخططت له. 

- وفعلت اليوم شيئا من أجل تحقيقه .. قل مقدار ما تشعر به من قلق في الحاضر ،وأصبح المستقبل أكثر وضوحا بالنسبة لك.


كيف نتخيل المستقبل؟

ضع خطة .. إنها بمثابة البوصلة .. ستتيح لك أن ترى إلى أين تتجه .. وتساعدك على التركيز على ما أنت بحاجة إلي عمله في الحاضر ،لكي تصل لوجهتك (المستقبل الذي تريد).


هذا يقلل من الخوف والشك والقلق ،لأنك حين تتخذ خطوات إيجابية نشطة نحو تحقيق النجاح في المستقبل .. إنك تعلم ما تفعله .. لماذا تفعله .. لأنك تراه يؤدي إلى المستقبل الذي تتخيله.


نقص (التخيل، التخطيط، الفعل) في العمل أو في الحياة >> عدم تحقيق أحلامنا وأهدافنا. 


كلما زادت قدرتك على رسم صورة واقعية لما تتمنى أن يكون عليه مستقبلك ،إيمانك بإمكانية تحققه .. كلما كان أسهل صنع خطتك.

الأهم أن تفعل شيئا كل يوم (حتى لو كان ضئيلا).


"بدأت الآن أدرك السبب وراء شعوري بالعجز، وقلة الحيلة .. إنني لا آخذ الوقت اللازم لكي اتخيل .. وأخطط .. ثم أضع خططي موضع تنفيذ."



* إذا لم تكن تعيش الحاضر>> لن تكون مدركا لما يحدث حولك.

* إذا لم تكن تتعلم من الماضي>> لن تكون مستعدا لصنع المستقبل. 

* إذا لم تكن تخطط للمستقبل>> ستجد نفسك ضائعا تتقاذفك الأمواج.


متى تكون الهدية عديمة النفع؟


الحياة في الحاضر .. التعلم من الماضي .. صنع المستقبل.

ليس كل شيء هنالك!!

فقد حينما تعيش من أجل هدف نبيل. وتستجيب لما هو مهم بشأن الحاضر، والماضي، والمستقبل .. يكون لكل شيء معنى عظيم.

امتلاك هدف لا يعني فقط أن تعرف ما تفعله ،لكن لماذا تفعله أيضا.


"لقد كان هدفه .. (وهو السبب الذي لأجله كان يستيقظ في صباح كل يوم) .. أن يساعد الآخرين على أن يصبحوا أكثر سعادة *أكثر فعالية *أكثر نجاحا في أعمالهم ،وفي حياتهم الشخصية. كان دائما يعمل ويعيش من أجل هدف. لقد كان الشعور بالهدف هو الحبل الذي يربط الحاضر والماضي والمستقبل ويمنح العمل والحياة معنى نبيلا."


كيفية استجابتك تعتمد على هدفك:

عندما تريد أن تكون أكثر سعادة /نجاحا >> يكون الوقت لعيش الحاضر.

عندما تريد أن يكون الحاضر أفضل من الماضي>>يكون الوقت لتتعلم من الماضي.

عندما تريد أن يكون المستقبل أفضل من الحاضر>> يكون الوقت لصنع المستقبل.

عندما تعيش وتعمل لهدف نبيل وتستجيب لما هو مهم الآن >> تكون أكثر قدرة على القيادة/ الإدارة/ الدعم/ المصادقة/ الحب.



"نظرا لكونه بشرا ، لن يكون قادرا على البقاء في الحاضر دائما .. فقد يفقده ويضل طريقه من حين لآخر .. حينما كان يحدث هذا .. كان يذكر نفسه دائما بأن يعود إلى الحاضر متى أراد أن يكون أكثر سعادة، وفعالية."


قد يعني النجاح أن تكون حياتك أكثر سلاما .. تحصل على وظيفة أفضل .. تستمتع بوقت طيب مع عائلتك وأصدقائك .. تحصل على ترقية أو علاوة .. تكون لائقا بدنيا .. تحصل على مال أكثر .. تكون فقط شخصا أفضل يساعد الآخرين.


كونك أكثر نجاحا يعني أن تقترب أكثر مما أنت قادر على أن تكونه .. كل مننا يحدد لنفسه ما يعنيه المزيد من النجاح.


إن الإنسان يعرف ما يكفي .. لديه ما يكفي .. هو نفسه يكفي اليوم.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال